الأحد، 13 نوفمبر 2011

العروبة والاسلام-2-

نعتقد نحن المسلمون ان الاسلام هو دين الله الكامل الذي انرله على نبيه عليه الصلاة والسلام وهو الدين الكامل الذي ارتضاه الله لعباده,والاسلام ليس مجرد شريعة او اخلاق كريمة على نسق منظوم او شعارات تعبر عن مكنون الصياغات العقائدية , الاسلام دين شامل جامع لكل المثل والقيم والنظم التي نادى بها من العقيدة الى الشريعة الى الاخلاق الى فقهيات مرنة في انفعالها مع حركة الحياة ضمن دائرة الاستنباط العقلي او التقرير النقلي,الاسلام ليس ثقافة على حاشية العلوم ولا بقافية تزين القصيدة القومية او نغمة تحرك شعار انشودة الاخلاق عبر الاجيال ,الاسلام هو تلك القوة التي اخرجت وحركت القدرات الانسانية من كهف الظلمة والجهل الى ذلك النور الذي اضاء للبشرية الطريق القويم بهامش زمني لا يتعدى الثلاثة قرون, غير ان المشكلات التي واجهت الاسلام في بداياته الاولى هي نفسها التي تطرح اليوم بثوب من الحداثةوالتحضر, ففي ايامنا يفهم الاسلام على انه تلك الشريعة التي تقطع الايدي وتجلد النساء وتفرضى نمطا متخلفا على كل جوانب الحياة وهو الدين الذي يصادر الحريات ويقمع الحقوق الى اخر منظومة الافتراءات التي تزين مجالس الجاهلين وترسم عناوين الصحف والمقالات ,والغريب ان البديل الحتمي لا يخرج عن مضمون اعتراضهم وافترائهم , فهلا رأوا ان الحدود في الاسلام لا تخرج عن اطار السلطة القضائية وان الحريات لا يمكن ان تكون بمستوى الاباحية بمقاييس الحضارة التي يفهمونها , وعلى اي حال لعل اهم واخطر ما يواجه الاسلام تلك النغمة التي ما فتىء العروبيون يتغنون بها ويتمسكون بها ويضعونها في مواجهة العثمنة حينا والتخلف احيانا والارهاب والانتهازية احيانا اخرى , وهذا اشد خطورة في معركة الاسلام والقوميات , لا شك ان جوهر القضية بين الاسلام والعروبة تحديدا يتلخص في امرين اما الاول في تعريف كل منهما والثاني ليس في الرابط او العلاقة بينهما وانما في قدرة كل منهما على احتواء الاخر, اما التعريف فمهما اختلفنا عليه فاننا نختلف في الفروع لا في الاصول ومهما بلغ الخلاف في التعريف فيمكن الالتقاء عند كثير من المفاصل التي يلتقى فيها الاسلام كدين مع العروبة كثقافة ممتدة لا كهوية قومية بديلة عن الاسلام,ويختلف التعريف باختلاف التوجه السياسي والثقافي وغيره وليس في الاختلاف او الائتلاف كثير فائدة فمن السهل تذليل العقبات ومن السهل الاتفاق , اما الاحتواء , فاي من الاسلام والعروبة قادر على احتواء الاخر , القادر ولا شك هو الذي يمتلك ثلاثة اسس تمكنه من احتواء الاخر وجعله اكثر طواعية في تبعيته للاخر اما الامر الاول :الشخصية الديناميكية المرنة التي تحتضن في شخصها كل المثل والقيم التي تنادي بها القادرة على التعاطي مع كل القضايا المطروحة بانماط متعددة واعني ان الاسلام قادر بشخصيته المعنوية والتشريعية والقانونية والانسانية على التفاعل مع كل القضايا الانسانية على بساط متعدد الالوان اي ان انماط وسبل الحلول ليست واحدةولن كانت تسقى من معين واحد والشاهد تعدد المذاهب الفقهية وغيرهاو هذا يدل على مرونة الاسلام على التعاطي مع القضية الواحدة من اتجاهات متعددة اما العروبة وغيرها فقد فرضت من القوانين والدساتير ما استدعى التغيير والتبديل او الجمود او استعارة الحلول واذا كانت العروبة تحديدا نموذجا من الاخلاق فهل تصلح ان تكون مضمونا يعبر عن هذا النموذج التجربة تقول ان العروبيون لم ينتجوا من العروبة فكرة تستطيع ان تكون بديلا عن الاسلام بل انهم انفسهم استعاروا من الايدلوجيات ما هو معروف , واما الامر الثاني :ان الاحتواء يحتاج الى المبادىءالاكثر طواعية بمعنى ان تكون قادرة ان تعبر عن كل القضايا التي تثيرها الافكار سواء كانت سلبية او ايجابية والتاريخ والواقع يشهد ان المسلمين خاضوا بكل الامور حتى بصفات الله واسمائه والمدقق يدرك القيمة المعنوية لما عرف بفتنة المعتزلة وما نتج عنها وما عليه المسلمون اليوم من اتباع للمذاهب الفقهية واختلافات اجتهادية انما يدل على سعة الاسلام لاحتواء كل الافكار والصياغات التي تصب في دائرة الاجتهاد او قطعي الدلالة , اما العروبة بكل مثلها ومبادئها ان وجدت وان اعتبرناها بديلا عن الاسلام فان الواقع شاهد على اختلافها بين الناصرية مثلا والبعثية والقومية الحزبية اختلافا بينا لا يلتقي الا على اخلاقيات ما اسمنت وما اغنت من جوع فان قيل هي كالروافد تصب في بحر واحد نقول : اذا كانت متماثلة متساوية بطل لزومها الا واحدا وان لم تكن كذلك لزم واحدا دفعا للاختلاف وليس الامر كذلك في الاسلام وان كانت روافده كثيرة الا انها تنبع من مصدر واحد وتصب في مصب واحد, واما ثالثا : فهي القدرة على استيعاب القضايا الانسانية بكل اثقالها وتشعباتها وتاريخ يمتد 1400 سنة يشهد للاسلام بذلك رغم كل ما قد يقال , وكلنا يعلم ان الامور والقضايا التي نواجهها اليوم لا تحتاج الى قيل وقال وتنظير هنا او هناك وانما نحتاج الى نقل مبادئنا ومثلنا وقيمنا من صورتها المثالية المعنوية الى الفعل الواقعي والى الاندماج مجددا والانفعال مع حركة الحياة حتى ننتج حياة انسانية كما راها الاسلام وكما دعا اليها ولا يمكننا ان نتخلص من كل الايدلوجيات الا اذاتحرك الاسلام مثل تلك الحركة التي قام بها عندما انزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم -أقرأ-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق