الخميس، 1 ديسمبر 2011

مقامات عربية -7-المحكمة الدولية

كان يا ما كان قي غير هذا الزمان وذاك المكان,ملك حكيم عادل بالقسط والميزان , وكان له ثور خوًارً عظيم الجثمان , وكان يعتني به وخص له من العبيد غلمان ,وكان الثور ياكل خضار ويتفكه بالموز والرمان, وحدث ان الثور هاج وكان ثائرا وغضبان , فهرب في السهول وعدا في المروج وعبر الوديان , حتى وصل الى غير ما كان يعرف من البلدان , ثم ان سبعا من الضواري رآه وكان جوعان ,فعدا عليه فقتله واكل منه ما يؤكل حتى القلب واللسان , ونهش في البداية الكتف والفخذان , ثم تركه لعلها ترتزق بما بقي من شلوه النسور والعقبان , وارسل الملك في اثره الجند وكل الفرسان , فلبثوا غير بعيد ثم جاؤوا بخبر ملؤه الاحزان , فغضب الملك واشتد الحزن منه على ما كان عنده من الخلان , واقسم ليثارن لمقتله وان امتد به الزمان , وانتشر الخبر في كل القرى والاطيان , وحدث ان كانت قبيله هناك حيث  محلة القتل وكانوا جيران , فقام منهم حكماء وكانوا في العدد رجلان , اليهما انتهى الامر والكل يعلم انهما احمقان ,فجاؤوا قومهم براي شؤم كشؤم الغربان , فارسلوا الى الملك ان انزل في ارضنا ولك عندنا امران ,اولهما البحث والتحقيق في مقتل سيد الثيران ,والثاني انزال العقاب بالجاني ولو اجتمعت معه الجن والغيلان , وما كان من الملك الا ان استجاب لمراد الزعيمان ,فنزل ارضهم واقام في مضاربهم هو والاعوان,وقام الناس بخدمته وذبحوا له كل يوم ثيران , حتى اذا فنيت ذبحوا المعيز والخرفان , فلما قضوا عليها لم يتركوا الدجاج اوالديوك او حتى الصيصان , ثم اشتروا الانعام ممن يليهم من العربان , حتى اذا افلسوا باعوا أو رهنوا ما لديهم من الحلي او المتاع بابخس الثمان ,حتى لبس كل ثلاثة منهم ثوبان, واشتروا البهائم ممن يليهم حتى لم يبقى في الديار مما يؤكل حيوان , ثم ضمنوا نفوسهم وباعوا من عندهم من البنات او الصبيان , ورضي كل منهم ان يكون في الدنيا عريان , ولم يبقى الا ما يوقد بين الاثافي للنيران , وذاقوا بفعلهم الذل والهوان , وزد عليه ما شئت من الخذلان , وكل سعيد ومسرور بخدمة الملك الزعلان, فلما راى الوزير ما حل باهل القبيلة من الخسران , وما نزل بهم برأي ذانك الاحمقان , ذهب الى الملك مشيرا ناصحا وكان عليم اللسان , هيا بنا اذن بالرحيل من قبل ان تسير بالفضيحة الركبان , ونرى من القوم غير ما راينا وما لم يكن بالحسبان , فاعلن الملك ان الثور كان مريض وكان في بطنه سريان , وانه اكل نفسه حتى اللسان والوركان , وان الثور كان محتال وله مكر ثعبان , وبرأ الملك من دمه كل انسان , ولم ينسى غسل التهم عن  السبع من الحيوان , وامر بالمسير وزاد عليه السرعة والجريان , وانتهت القضية وكانت جلية البرهان , فلما مضى من الزمن يومان , ادرك اهل الارض تلك ما كانوا به على بطلان , وان راي من عندهم جر عليهم من الفقر فقران , وانهم جنوا ما جنواما كان رأي الغبيان , ثم بدا لهم ان الاحمق والاغبى اذا وافق الدعيان,وان كانا بين الناس شيخان , وما ضر الحمار قصر ذيل وطول اذنان  , لكن سبة البغل انه من حمار وحصان فذانك فحلان , فلا نسب لمن له من  الاصول اصلان , ومن اوكل الغير كل امره فله اذا انتسب نسبان,

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق